حتى وإن اختلفت الزبدة: كلام عن كرة القدم؛ وكلام العرب لبعضيهم، وكلام العرب للعالم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حتى وإن اختلفت الزبدة: كلام عن كرة القدم؛ وكلام العرب لبعضيهم، وكلام العرب للعالم
تركيزنا على تركيز العالم على قضية عربية أمر مهم، لكن فيه قضية تانية – عربية برضه - وممكن تكون الأهم. مشهد أبو تريكة مميز، ولكنه مجرد دقيقة في مسرحية من 90 دقيقة بين بطلين من العرب. الاسم الحركي لكرة القدم كان "وسيلة التوحيد بين الشعوب" وفي الاوساط العربية "وسيلة لتقريب الشباب العربي"، والحلويات دي. على ما يبدو إن كلام الانشا مدهون بزبدة، تو ما يصفر الحكم .. يسيح
كل زمان تختلف فيه لغة كرة القدم، ووسائل متابعتها، ورؤية متابعيها ليها، إضافة إلى اختلاف اللغة المستخدمة لوصف اللعبة نفسها. بمعنى إنه فيما مضى كانت اللعبة تميل إلى الهوائية، مع قلة حدة العنف، واتخاذها كوسيلة ترفيهية في المقام الأول، مع بقاء بعض حزازات المشجعين في اطار ضيق للغاية. ولكن مع دخول التيار الرأسمالي تدريجيا إلى اللعبة، بدأت حدة العنف تزيد، ومعها اتخذت كرة القدم سمة الصناعة والربحية، وأصبح اللاعب "سلعة"، والبطولات كما المحلات التجارية لجذب أنظار السماسرة. لا أذكر إني سمعت عن أي شجارات في اللقاءات العربية – العربية فيما مضى، ولا أذكر أي تأصيل تاريخي لحالة التوتر الموجودة ما بين العرب في لقاءاتهم الكروية تبدأ مثلا من منتصف القرن الماضي. وجود الخلافات العربية – العربية كرويا يمكن نرجعه إلى بداية التسعينيات أو نهاية الثمانينات ولا أظنه يسبق هذه الفترة بأي حال من الاحوال.
في تحليلي لمباراة مصر والسودان اتكلمت عن الراحة النسبية لدى الشعب المصري أول ما عرف خلو المجموعة من أي فريق شمال أفريقي (حاجة كدة زي ما تشوف علبة سمنة وتعرف إنها خالية من الكوليسترول). لكن الكوليسترول ظهر في المجموعة، على نحو غير متوقع بالمرة. البدايات كانت مع بعض الصحفيين المصريين لدى البعثة السودانية، وتصريحات مازدا مدرب السودان، مرورا بالمباراة نفسها (ده لو عرفت تمُر من غير عرقلة)، ثم بعض الاحتكاكات مع زيدان، وانتهاءا بعصبية الجالية السودانية في غانا. كان ممكن أمر على المباراة بلا تحليل لجزئية العلاقات العربية – العربية لو لم أسمع تعليق سوداني على تحرك أبو تريكة بعد الهدف الثاني. يبدو إن قومية كرة القدم قد زادت بشكل حاد في بعض الاقطار.
التركيز الاعلامي على أبو تريكة كان جيد، ومعه تحدث المحللون على وجود عمق عربي حي وتوجه أخوي إيجابي من العرب على بعضهم. كان اللقاء من طرفين عرب، داخل قارة واحدة، واستدعى تريكة طرفا ثالثا من قارة مجاورة لجذب الانظار إليه. الجميل في فانلة أبو تريكة هو تركيزها على جانب إيجابي وسط مباراة أكدت بالنسبة لي معنى سلبي. المنتخب السوداني ممكن ينهزم من زامبيا، ومؤكد هينهزم من الكاميرون، لكن على ما يبدو إن الهزيمة من مصر (أو فريق عربي عامة) من المحرمات. حالة التحفز من الفريق السوداني قبل المباراة (مع الصحفيين أو تصريحات مازدا) وأثناء المباراة بوجود بعض أشكال العنف، وبعد المباراة (تصريحات المحلل السوداني على شبكة راديو وتليفيزيون "العرب" وغليان الجالية السودانية) يعطي بعض اللمحات عن حالة تحفز سودانية للجار الشمالي في وادي النيل. وبمناسبة الكلام عن الجيرة، كنت ناوي أقسو في تحليلي لعنف المنتخب السوداني كأحد أسوأ المنتخبات لعبا رأيتها إلى الآن، بعد أن اتضح أن الجار أولى بالدفعة، أو أولى بالزقة، ولكني آمنت أنه الجار أحيانا ما يكون أولى بالشفقة.
في بعض المباريات، ومن ضمن تكتيكات اللاعبين داخل المستطيل الاخضر، الضغط النفسي على أهم لاعبي الفريق المنافس. أحيانا اللاعب يهرب من الحكم ليحتك بالمنافس، وقد لا يهرب من الكاميرا، وأحيانا يهرب من الاثنين معا. من متابعتي لزيدان في مباراة الكاميرون لاحظت وجود الضغط بعد تسجيل الهدفين (ده مين العيل اللي هيعمل لنا فيها الواد قُمع ده؟!) ولكن 45 دقيقة لم تكن كافية لمحترفي الكاميرون لاظهار مهاراتهم في اللعب بأعصاب زيدان، في حين كانت كافية جدا للسودانيين. بعد تسجيل الهدفين كان العنف على زيدان واضح بعض الشيء، وأظهرت فرصة زيزو في الشوط الثاني تعرضه لضربة متعمدة أخرجته من المباراة مصابا. الغريب هو استعمال المنتخب السوداني لنفس التكتيك المستفز مع لاعبين آخرين؛ منهم عمرو زكي وفتح الله. كان الأسلوب غريب بعض الشيء خصوصا مع حالات استفزاز سابقة لأندية مصرية في مباريات العام الماضي (الاهلي مع الهلال، والاسماعيلي مع المريخ؛ وقبلهما الزمالك مع الهلال). شعار وحدة وادي النيل كان على المحك، مع احتمال تدخل مباريات كرة قدم في اثارة بعض المشكلات بين مصر والسودان كما تدخلت في غيرها
في استوديو التحليل عقب المباراة، الكل أجمع على تحية أبو تريكة، وفوجئت بوجود النشاز من المحلل السوداني. الاستفزاز والنغمة النشاز موجود حتى بعد المباراة. كان الموقف عصيب بعض الشيء، لأنه أبو تريكة سجل هدفي الفوز على منتخب بلد المُحلل، وبالنسبة لي كان الأمر كأنه اثبات ولاء لبلد على حساب ولاء لقضية. الأمر حسم بانتصار الاول على الثاني. جايز حالة السودان بفصل الدين عن الدولة وفصل السياسة نفسها عن شتى مناحي الحياة عنصر محدد لإجابة المحلل، ولكن القضية الفلسطينية ليست خاضعة حسب الأهواء المحلية، وعلى السادة المقيمين في فلسطين مراعاة فروق التوقيت.
أبو تريكة غطى على بعض العنف السائد في اللقاءات العربية بحركة تلفت النظر إلى قضية بحاجة إلى التوحد والاتحاد، لا إلى استخدام العنف الداخلي. ممكن هنا نتكلم برمزية ونقول إن تريكة بحركة بسيطة، طلب منا الكف عن العنف، وإعطاء مساحة للتعاطف والتسامح. مباراة كرة القدم بعنفها المتبادل بين الفرق العربية، ترمز للحال السياسي بوجود خلافات عربية عميقة، تظهرها (أو تزيدها) المباريات وتلقي بها في دائرة الضوء، فلا تترك فرصة لمجرد التعاطف مع قضية وشعب يطلبه منا إلى حد الاستجداء.
.[
كان الاسم الكودي لكرة القدم فيما مضى محاولة التجميع بين الشعوب، ومع أخذ المباريات العربية بعض المناحي السياسية ودخول التيار الرأسمالي، عرف العنف والعنف المضاد سبيله إلى اللقاءات الكروية. الحساسيات المفرطة تجاه هزيمة أي فريق عربي من رفيقه موجودة في لقاءات الشمال الأفريقي، وبعض لقاءات الخليج في كأس "خليجي" وتظهر في مباريات دوري أبطال العرب. (بعد كتابتي للمقال، قريت اليوم على في الجول تغطية لمباراة بين الكويت وعمان، وسايب لك وقت كافي لعد الكروت الحمراء). المنتخب السوداني التقط طرف الخيط – على استحياء. والحمد لله إنه لا توجد أي مضايقات أو مشاحنات داخل أفراد الجالية السودانية الكبيرة في مصر وإلا اتسعت رقعة الخيط، وكر وراه خيوط
حالة السودان ومصر خاصة بعض الشيء، لوجود الجالية وطبيعة "وادي النيل نفسه" والحمد لله لم أجد أي ذكر لصحفي سوداني عن وضع سيء او احتكاكات بعد المباراة (نفس ما يحدث بعد هزيمة أي فريق مصري في الخليج، من التنبيه على معايرة الخليجيين للمصريين، ودخول الكرامة المصرية في الموضوع، وتحويل المباراة إلى ساحة حرب). السودانيين لديهم بعض الحساسية من تعامل بعض المصريين معهم، أو حتى من تعامل السينما مع السودانيين (الاسم الكودي عثمان، والمهنة بواب أو خادمة). أخشى من تكرار نفس سيناريوهات اللقاءات العربية، بالذات مع دخول عنصر "يا غالب يا مغلوب" (يا قاتل يا مقتول) في اللقاءات الكروية (لقاء مصر كان مهم بالنسبة لمصر للصعود، وأهم للسودان لتجديد الأمل في الصعود أو الخروج). حساسية كانت موجودة في لقاءات مصر من ساعة ما عرفتها (احتياج مصر إلى الفوز في لقاء تونس للصعود إلى كأس العالم، وفازت تونس برباعية، أو احتياج مصر إلى الفوز على المغرب في بطولة 86، أو احتياج مصر إلى الفوز على الجزائر للصعود إلى كاس العالم 90 أو المنافسة على الصعود إلى نهائيات كأس العالم، إلخ). صناعة الكراهية تبدأ هنا، ومعها تبدأ المعاناة واضفاء سخونة المباريات واحلال ثقافة الجيرة والأخوة (والكلام الفاضي ده) ليحل محلها ثقافة المنافسة والصراع والقتال. (قبل أحد مباريات مصر والمغرب – غالبا مباراة حجي في المغرب 0/1، كتبت أحد الصحف المغربية تعليقا: غدا مباراة مصر تحت شعار: الانتصار أو الانتحار!). الميديا باضفائها عنصر السخونة ممكن تلعب دور مهم، رايناه في مباريات الأهلي والاسماعيلي تحديدا، وأخشى أن ينضم المنتخب إليهما
كرة القدم كما أحالت الحب إلى كراهية فيما بين بعض الدول، أظهرت نطاق الكراهية بشكل بغيض في داخل الدولة نفسها. ثقافة الديربي الموجودة وإراقة الدماء في لقاءات بعض الفرق داخل الدولة (تحديدا إيطاليا) ممكن نوسعها إلى دول أخرى. لا داعي إلى الحديث عن قارة أخرى وبلد آخر، وعندنا مثال الأهلي – الاسماعيلي واضح جدا، مع تحويل الكرة ما بين محافظتين إلى بلد وبلد، بل وإلى ما يشبه دولتين متناحرتين، لا ينقصهما سوى ترسيم الحدود أو اللجوء إلى التحكيم الدولي (بالفعل تم اللجوء إلى التحكيم الدولي في بعض القضايا مع الفيفا). الكرة مستديرة بالفعل، وكما تدير ظهرها إلى الخصم، قد تدير العقول وتدير القلوب. الفيفا يطلب عدم رفع شعارات سياسية، وتريكة يقول إن شعاره انساني، أخشى على تريكة في مباراة قادمة محلية أن يرفع شعار: Stop the Hate ! أوقفوا الكراهية، أوقفوا الحرب
كل زمان تختلف فيه لغة كرة القدم، ووسائل متابعتها، ورؤية متابعيها ليها، إضافة إلى اختلاف اللغة المستخدمة لوصف اللعبة نفسها. بمعنى إنه فيما مضى كانت اللعبة تميل إلى الهوائية، مع قلة حدة العنف، واتخاذها كوسيلة ترفيهية في المقام الأول، مع بقاء بعض حزازات المشجعين في اطار ضيق للغاية. ولكن مع دخول التيار الرأسمالي تدريجيا إلى اللعبة، بدأت حدة العنف تزيد، ومعها اتخذت كرة القدم سمة الصناعة والربحية، وأصبح اللاعب "سلعة"، والبطولات كما المحلات التجارية لجذب أنظار السماسرة. لا أذكر إني سمعت عن أي شجارات في اللقاءات العربية – العربية فيما مضى، ولا أذكر أي تأصيل تاريخي لحالة التوتر الموجودة ما بين العرب في لقاءاتهم الكروية تبدأ مثلا من منتصف القرن الماضي. وجود الخلافات العربية – العربية كرويا يمكن نرجعه إلى بداية التسعينيات أو نهاية الثمانينات ولا أظنه يسبق هذه الفترة بأي حال من الاحوال.
في تحليلي لمباراة مصر والسودان اتكلمت عن الراحة النسبية لدى الشعب المصري أول ما عرف خلو المجموعة من أي فريق شمال أفريقي (حاجة كدة زي ما تشوف علبة سمنة وتعرف إنها خالية من الكوليسترول). لكن الكوليسترول ظهر في المجموعة، على نحو غير متوقع بالمرة. البدايات كانت مع بعض الصحفيين المصريين لدى البعثة السودانية، وتصريحات مازدا مدرب السودان، مرورا بالمباراة نفسها (ده لو عرفت تمُر من غير عرقلة)، ثم بعض الاحتكاكات مع زيدان، وانتهاءا بعصبية الجالية السودانية في غانا. كان ممكن أمر على المباراة بلا تحليل لجزئية العلاقات العربية – العربية لو لم أسمع تعليق سوداني على تحرك أبو تريكة بعد الهدف الثاني. يبدو إن قومية كرة القدم قد زادت بشكل حاد في بعض الاقطار.
التركيز الاعلامي على أبو تريكة كان جيد، ومعه تحدث المحللون على وجود عمق عربي حي وتوجه أخوي إيجابي من العرب على بعضهم. كان اللقاء من طرفين عرب، داخل قارة واحدة، واستدعى تريكة طرفا ثالثا من قارة مجاورة لجذب الانظار إليه. الجميل في فانلة أبو تريكة هو تركيزها على جانب إيجابي وسط مباراة أكدت بالنسبة لي معنى سلبي. المنتخب السوداني ممكن ينهزم من زامبيا، ومؤكد هينهزم من الكاميرون، لكن على ما يبدو إن الهزيمة من مصر (أو فريق عربي عامة) من المحرمات. حالة التحفز من الفريق السوداني قبل المباراة (مع الصحفيين أو تصريحات مازدا) وأثناء المباراة بوجود بعض أشكال العنف، وبعد المباراة (تصريحات المحلل السوداني على شبكة راديو وتليفيزيون "العرب" وغليان الجالية السودانية) يعطي بعض اللمحات عن حالة تحفز سودانية للجار الشمالي في وادي النيل. وبمناسبة الكلام عن الجيرة، كنت ناوي أقسو في تحليلي لعنف المنتخب السوداني كأحد أسوأ المنتخبات لعبا رأيتها إلى الآن، بعد أن اتضح أن الجار أولى بالدفعة، أو أولى بالزقة، ولكني آمنت أنه الجار أحيانا ما يكون أولى بالشفقة.
في بعض المباريات، ومن ضمن تكتيكات اللاعبين داخل المستطيل الاخضر، الضغط النفسي على أهم لاعبي الفريق المنافس. أحيانا اللاعب يهرب من الحكم ليحتك بالمنافس، وقد لا يهرب من الكاميرا، وأحيانا يهرب من الاثنين معا. من متابعتي لزيدان في مباراة الكاميرون لاحظت وجود الضغط بعد تسجيل الهدفين (ده مين العيل اللي هيعمل لنا فيها الواد قُمع ده؟!) ولكن 45 دقيقة لم تكن كافية لمحترفي الكاميرون لاظهار مهاراتهم في اللعب بأعصاب زيدان، في حين كانت كافية جدا للسودانيين. بعد تسجيل الهدفين كان العنف على زيدان واضح بعض الشيء، وأظهرت فرصة زيزو في الشوط الثاني تعرضه لضربة متعمدة أخرجته من المباراة مصابا. الغريب هو استعمال المنتخب السوداني لنفس التكتيك المستفز مع لاعبين آخرين؛ منهم عمرو زكي وفتح الله. كان الأسلوب غريب بعض الشيء خصوصا مع حالات استفزاز سابقة لأندية مصرية في مباريات العام الماضي (الاهلي مع الهلال، والاسماعيلي مع المريخ؛ وقبلهما الزمالك مع الهلال). شعار وحدة وادي النيل كان على المحك، مع احتمال تدخل مباريات كرة قدم في اثارة بعض المشكلات بين مصر والسودان كما تدخلت في غيرها
في استوديو التحليل عقب المباراة، الكل أجمع على تحية أبو تريكة، وفوجئت بوجود النشاز من المحلل السوداني. الاستفزاز والنغمة النشاز موجود حتى بعد المباراة. كان الموقف عصيب بعض الشيء، لأنه أبو تريكة سجل هدفي الفوز على منتخب بلد المُحلل، وبالنسبة لي كان الأمر كأنه اثبات ولاء لبلد على حساب ولاء لقضية. الأمر حسم بانتصار الاول على الثاني. جايز حالة السودان بفصل الدين عن الدولة وفصل السياسة نفسها عن شتى مناحي الحياة عنصر محدد لإجابة المحلل، ولكن القضية الفلسطينية ليست خاضعة حسب الأهواء المحلية، وعلى السادة المقيمين في فلسطين مراعاة فروق التوقيت.
أبو تريكة غطى على بعض العنف السائد في اللقاءات العربية بحركة تلفت النظر إلى قضية بحاجة إلى التوحد والاتحاد، لا إلى استخدام العنف الداخلي. ممكن هنا نتكلم برمزية ونقول إن تريكة بحركة بسيطة، طلب منا الكف عن العنف، وإعطاء مساحة للتعاطف والتسامح. مباراة كرة القدم بعنفها المتبادل بين الفرق العربية، ترمز للحال السياسي بوجود خلافات عربية عميقة، تظهرها (أو تزيدها) المباريات وتلقي بها في دائرة الضوء، فلا تترك فرصة لمجرد التعاطف مع قضية وشعب يطلبه منا إلى حد الاستجداء.
.[
كان الاسم الكودي لكرة القدم فيما مضى محاولة التجميع بين الشعوب، ومع أخذ المباريات العربية بعض المناحي السياسية ودخول التيار الرأسمالي، عرف العنف والعنف المضاد سبيله إلى اللقاءات الكروية. الحساسيات المفرطة تجاه هزيمة أي فريق عربي من رفيقه موجودة في لقاءات الشمال الأفريقي، وبعض لقاءات الخليج في كأس "خليجي" وتظهر في مباريات دوري أبطال العرب. (بعد كتابتي للمقال، قريت اليوم على في الجول تغطية لمباراة بين الكويت وعمان، وسايب لك وقت كافي لعد الكروت الحمراء). المنتخب السوداني التقط طرف الخيط – على استحياء. والحمد لله إنه لا توجد أي مضايقات أو مشاحنات داخل أفراد الجالية السودانية الكبيرة في مصر وإلا اتسعت رقعة الخيط، وكر وراه خيوط
حالة السودان ومصر خاصة بعض الشيء، لوجود الجالية وطبيعة "وادي النيل نفسه" والحمد لله لم أجد أي ذكر لصحفي سوداني عن وضع سيء او احتكاكات بعد المباراة (نفس ما يحدث بعد هزيمة أي فريق مصري في الخليج، من التنبيه على معايرة الخليجيين للمصريين، ودخول الكرامة المصرية في الموضوع، وتحويل المباراة إلى ساحة حرب). السودانيين لديهم بعض الحساسية من تعامل بعض المصريين معهم، أو حتى من تعامل السينما مع السودانيين (الاسم الكودي عثمان، والمهنة بواب أو خادمة). أخشى من تكرار نفس سيناريوهات اللقاءات العربية، بالذات مع دخول عنصر "يا غالب يا مغلوب" (يا قاتل يا مقتول) في اللقاءات الكروية (لقاء مصر كان مهم بالنسبة لمصر للصعود، وأهم للسودان لتجديد الأمل في الصعود أو الخروج). حساسية كانت موجودة في لقاءات مصر من ساعة ما عرفتها (احتياج مصر إلى الفوز في لقاء تونس للصعود إلى كأس العالم، وفازت تونس برباعية، أو احتياج مصر إلى الفوز على المغرب في بطولة 86، أو احتياج مصر إلى الفوز على الجزائر للصعود إلى كاس العالم 90 أو المنافسة على الصعود إلى نهائيات كأس العالم، إلخ). صناعة الكراهية تبدأ هنا، ومعها تبدأ المعاناة واضفاء سخونة المباريات واحلال ثقافة الجيرة والأخوة (والكلام الفاضي ده) ليحل محلها ثقافة المنافسة والصراع والقتال. (قبل أحد مباريات مصر والمغرب – غالبا مباراة حجي في المغرب 0/1، كتبت أحد الصحف المغربية تعليقا: غدا مباراة مصر تحت شعار: الانتصار أو الانتحار!). الميديا باضفائها عنصر السخونة ممكن تلعب دور مهم، رايناه في مباريات الأهلي والاسماعيلي تحديدا، وأخشى أن ينضم المنتخب إليهما
كرة القدم كما أحالت الحب إلى كراهية فيما بين بعض الدول، أظهرت نطاق الكراهية بشكل بغيض في داخل الدولة نفسها. ثقافة الديربي الموجودة وإراقة الدماء في لقاءات بعض الفرق داخل الدولة (تحديدا إيطاليا) ممكن نوسعها إلى دول أخرى. لا داعي إلى الحديث عن قارة أخرى وبلد آخر، وعندنا مثال الأهلي – الاسماعيلي واضح جدا، مع تحويل الكرة ما بين محافظتين إلى بلد وبلد، بل وإلى ما يشبه دولتين متناحرتين، لا ينقصهما سوى ترسيم الحدود أو اللجوء إلى التحكيم الدولي (بالفعل تم اللجوء إلى التحكيم الدولي في بعض القضايا مع الفيفا). الكرة مستديرة بالفعل، وكما تدير ظهرها إلى الخصم، قد تدير العقول وتدير القلوب. الفيفا يطلب عدم رفع شعارات سياسية، وتريكة يقول إن شعاره انساني، أخشى على تريكة في مباراة قادمة محلية أن يرفع شعار: Stop the Hate ! أوقفوا الكراهية، أوقفوا الحرب
RAMY- مشرف قسم القصص
-
عدد الرسائل : 5
العمر : 38
الاوسمة :
تاريخ التسجيل : 13/04/2008
رد: حتى وإن اختلفت الزبدة: كلام عن كرة القدم؛ وكلام العرب لبعضيهم، وكلام العرب للعالم
موضوع رائع
فعلا دى حقيقة
شكرا رامى
فعلا دى حقيقة
شكرا رامى
abo body- مؤسس و مدير المنتدى
-
عدد الرسائل : 435
العمر : 48
البلد : ام الدنيا مصر
تاريخ التسجيل : 25/01/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى